تأسس نادي الهلال عام 1930 باجماع جميع المصادر، وبدأت فكرة تأسيس النادي في أعقاب ثورة عام 1924 تلك الثورة الوطنية التي اغضت مضاجع الإنجليز ودفعتهم لتضييق الخناق على السودانيين، ويقول حمدنا الله أحمد حمدنا الله أحد مؤسسي الهلال أن نفراً من الخريجين اجتمعوا عام 1930وتشاوروا فيما بينهم لتكوين هيئة اجتماعية لجمع شتاتهم وتوثيق عرى الصداقة والمودة والاخاء وخلق رأي عام في البلاد على أساس الألفة والمحبة والصداقة الفكرية، ولما كان من العسير جداً الحصول على التصديق من حكومة ذلك العهد لتكوين مثل هذه المؤسسة لجأ أولئك النفر إلى تحقيق الغرض عن طريق كرة القدم لأنّ الحكومة الإستعمارية كانت في ذلك الوقت تشجع الكرة بغرض أن يتفرغ الناس لها وينسوا واجبهم الوطني فاستقر رأيهم على تكوين مؤسسة رياضية تمارس شتى ضروب الرياضة مثل كرة القدم والتنس وتنس الطاولة والجمباز والكشافة والموسيقى وخلافها وكان الهدف المعلن لقيام الهلال خدمة وتنمية النشاط الرياضي حتى يقبل الحكام المستعمرون بالتصديق على قيامه أما الهدف المضمر المستتر فكان ممارسة النشاط الوطني والسياسي من خلال ضروب الأنشطة الرياضية والإجتماعية والفنية والأدبية وتكثيف الجهود مع الحركة الوطنية التي كانت تعمل لتحرير السودان ونيل الاستقلال.
مؤسسو نادي الهلال:
عقد اجتماع التأسيس الأول بمنزل حمدنا الله أحمد بحي الشهداء بأمدرمان وقد اختلف المؤرخون في تحديد عدد واسماء الأعضاء الذين شهدوا الاجتماع الأول مابين 9 إلى 19 شخصاً جميعهم من خريجي كلية غردون التذكارية، والذين اجتمعوا باتفاق جميع المصادر هم :حمدنا الله أحمد، يوسف المأمون، آدم رجب، محمد حسين شرفي، بابكر القباني، عبد الرحيم سرور، يوسف مصطفى التني، فتح الله بشارة، أمين بابكر، بابكر مختار ومحمد العربي، وتضيف مصادر أخرى اسماء حسن عوض الله، عوض أبو زيد، علي عبد الله مبروك، التيجاني القاضي، عبد الرحمن شداد، مقابلي حسن شريف، التيجاني عامر، مصطفى أحمد إبراهيم، سعد صديق وعربي بلال.
تمّ من خلال الاجتماع انتخاب أول مجلس لإدارة نادي الهلال على النحو التالي :
بابكر القباني (رئيساً) – يوسف المأمون (سكرتيراً) – عبد الرحيم سرور (نائباً للسكرتير) – حمدنا الله أحمد (أمين صندوق) – أمين بابكر (قائداً للاعبين) – يوسف مصطفى التني (للثقافة والنشر) – محمد حسين شرفي (عضواً) – عوض أبو زيد (عضواً) – فتح الله بشارة (عضواً) – بابكر مختار تاتاي (عضواً) – عربي بلال (عضواً) .
اجراءات تسجيل النادي:
بعد تكوين مجلس الإدارة بدأت الخطوات العملية المتعلقة بتسجيل النادي حيث قام السكرتير يوسف المأمون في 4مارس 1930 بتقديم طلب التسجيل لمفتش مركز أمدرمان بعد دفع الرسوم المقررة والمقدرة بخمسون مليماً مصرياً وفي 13 مارس تسلّم السكرتير خطاب موافقة السلطات على تسجيل الهلال واعتماده ضمن الفرق المسجلّة بمدينة أمدرمان وعقب التسجيل أصدرت إدارة لهلال قرارها القاضي بأن يكون لاعبي الهلال من طلاب كلية غردون لكن تمّ في وقت لاحق التنازل عن هذا الشرط حيث فتح الباب أمام الشباب بحي الاسبتالية بجانب البارزين في الأحياء الأخرى.
الهلال ومؤتمر الخريجين:
نشأ الهلال مرتبطاً بالحركة الوطنية ارتباطاً وثيقاً، ورأينا كيف أنّ عضويته في البداية اقتصرت على الخريجين فقط ويقول سورين اسكندريان إنّ كثيراً من لاعبي الهلال كانوا يلعبون الكرة ولاتنسيهم فنونها وحبهم لها واجبهم الوطني وكثيراً منهم كانوا يعملون سراً في التوعية الوطنية والإجتماعية، وبناءً على ذلك فإنّ الهلال كان له دوره البارز في معركة انتخابات نادي الخريجين بأم درمان تلك المعركة التي كانت بين أكبر جناحين للخريجين وانتهت بنيل ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة نادي الهلال ثلاثة مقاعد كانت من نصيب بابكر القباني وحمدنا الله أحمد ويوسف المأمون، وقدّ ظلّ الارتباط العضوي بين الهلال ونادي الخريجين وثيقاً طوال عهد الكفاح الوطني حتى نال السودان استقلاله فشارك عدد من رجاله كقيادين في المؤسسات ووزراء في الحكومات الوطنية.
الهلال رائد المبادرات:
يعتبر الهلال رائد المبادرات المتعددة التي أصبحت في مابعد نهجاً لكل الأندية السودانية ومن مبادراته أنّه أول فريق يلعب بالأحذية حيث كان اللاعبون يلعبون حفاة، والهلال أول فريق يدخل اللعب في الميادين المسورة كما انه أول فريق يبتكر طريقة الظهير الثالث وابتكرها لاعبه طلعت فريد، ولم تقف مبادارت الهلال عند هذا الحد فقد كان أول فريق ينفتح على أقاليم السودان عندما لبّى الدعوة التي قدمت له من قبل الرياضيين بالجزيرة منتصف فبراير1931 حيث شدّ الفريق رحاله على ظهر (لوري) إلى مدني ولعب مباراة تاريخية أعقبتها في المساء ليلة غنائية كبرى قدمها فنان السودان الأول كرومة، والهلال نظّم أول مباراة في تاريخ السودان بتذاكر دخول حيث أن الفرق كانت تعتمد في تسيير انشطتها الرياضية والثقافية والإجتماعية على مشاركات الأعضاء واللاعبين وبعض التبرعات التي يجود بها أقطابه ورجاله، وتقدّم يوسف مصطفى التني بمقترح عام 1932 لتنظيم مباريات ودية بتذاكر دخول وذلك بغرض تخصيص عائدها لتطوير المناشط وكانت المباريات قبل ذلك تقام بالمجان، وأول مباراة أقيمت في تاريخ السودان بتذاكر جمعت الهلال بفريق الجيش الإنجليزي يوم 14فبراير 1932 وانتهت بفوز الهلال 21 .
نال الهلال كذلك شرف أول فريق سوداني يلعب خارج السودان حيث تقدّم بطلب للسفر إلى مصر والتباري مع فرقها في عام 1945 لكن الطلب قوبل بالرفض وتكررت المحاولات بعد ذلك ليتدخل السادة عبد الرحمن المهدي والعجباني وأبو العلاء ويتعهدوا بأن تكون رحلة الهلال إلى مصر رياضية بحتة وبناءً على ذلك تمّت الموافقة ليشد الهلال الرحال إلى مصر كأول فريق في السودان يسافر لاداء مباريات خارج الحدود وقد أدى الفريق في رحلته تلك أربع مباريات أمام الأهلي، الزمالك، الترسانة والإتحاد السكندري .
لم تقف مبادرات الهلال على الجانب الرياضي فقط فقد أسس الفريق أول فرقة مسرحية عام 1932وهي الفرقة التي تولى الشاعر إبراهيم العبادي تأليف أول مسرحية لها وهي مسرحيته (عائشة بين صديقين)، وأسس الهلال أول فرقة موسيقية.